ا سرة في ا سلام «لا يخلو ن أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم» من التشريعات الا سلامية لصيانة البيت المسلم: تحريم الخ لوة بالا جنبية منع ا لوساوس الشيطان وإبعاد ا لهواجس النفس الا مارة بالسوء فقد جاء في الصحيحين: «لا يخلو ن أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم». أ.د/ أحمد عمر هاشم (*) ومما حرص عليه الا سلام في هذا الصدد النهي عن خلوة المرأة با قارب زوجها كخلوتها با خي زوجها أو ابن عمه أو بابن خاله لما في ذلك من التساهل الذي يمكن أن يحدث من أهل القرابة ومثل أقارب الزوج أيض ا أقارب المرأة ممن ليسوا محارم لها كابن عمها وابن خالها وابن عمتها وابن خالتها فليس لهم الخلوة بها يقول رسول االله ﷺ: «إياكم والدخول على النساء» فقال رجل من الا نصار: يا رسول االله أفرأيت الحمو قال: «الحمو الموت» (متفق عليه) وهم أقارب الزوج. وليس الا مر قاصر ا على ما يخشى حدوثه من فتنة بل لا ن في ذلك فتح ا لنوافذ القيل والقال وإثارة للشبه وألسنة السوء وما يترتب على ذلك أيض ا مما لا تحمد عقباه مما يترتب عليه تخريب البيوت. ولقد ضرب لنا رسول االله ﷺ أروع الا مثلة على ذلك عن أنس بن مالك -رضي االله عنه- قال: ك لم رسول االله ﷺ إحدى نساي ه فم ر به رجل فدعاه وقال: «يا فلان هذه زوجتي» فقال: يا رسول االله من كنت أظن فيه فا ني لم أكن أظن فيك فقال -عليه الصلاة والسلام-: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم»(متفق عليه). وبهذا أعطى رسول االله -صلوات االله وسلامه عليه- درس ا من أقوى ما يكون في دفع الشبهات وظن السوء حتى لا يتعلل أحد ما كاي نا من كان با نه فوق الشبهات كما كان لموقف موسى -عليه السلام- من ابنة شعيب أثره كذلك في البعد عن مواطن الشبهات وذلك عندما وجهت إليه دعوة أبيها فطلب منها أن تسير خلفه وأن تصف له الطريق ولم يكن هناك أدنى شك بين الطرفين في نفسيهما ولكنه الدين في تعاليمه السامية بعد ا عن الشبهات ومنع ا لا ثارة الفتن (*) عض و هيي ة كبار العلماء. ٧٢
ا سرة في ا سلام والكلام ونشر ا للا دب العالي في البيوت المو منة لتلتزم الجادة والسير على المنهج الا مثل. ومن تشريعات المحافظة على البيت المسلم التزام المسلمة بزيها الا سلامي الذي يوافق شرع االله والذي يغ طي جميع جسدها وألا يكون رقيق ا ولا ضيق ا فقد جاء في الحديث: «إن من أهل النار نساء كاسيات عاريات ماي لات مميلات»(رواه الترمذي). وقد دخلت نسوة من بني تميم على عاي شة -رضي االله عنها- وعليهن ثياب رقاق فقالت عاي شة: «إن كنتن مو منات فليس هذا بثياب المو منات»(رواه الترمذي). والا سلام بهذه التعاليم إنما يريد بناء بيت إسلامي يتسم بالعفة والطهارة والنقاء وينا ى عن الرذيلة والضلالة والمعاصي ما ظهر منها وما بطن. وواضح أن للا م أثر ا كبير ا في حياة الا بناء فا ذا كانت صالحة مستقيمة تلتزم بالثياب الا سلامية والحجاب الا سلامي فلا شك أن الا بناء ينشي ون نشا ة صالحة ففي أحضان الا م تنمو عواطف الا بناء وعاداتهم وتقاليدهم وساي ر أخلاقهم وفضاي لهم. وجاءت تعاليم الا سلام موجهة جميع المو منين والمو منات إلى ما فيه الطهر والعفاف فا مر الا سلام بغض البصر وعدم اختلاط الرجال بالنساء وأحاط الا سلام المرأة المسلمة بتعاليم قوية تكفل للا سرة والمجتمع السداد والرشاد وكان لمشروعية الحجاب أثر بالغ في الحفاظ على عفاف الا سرة وأخلاقها وكرامتها. وقد ثبت في الصحيحين قول عمر بن الخطاب -رضي االله عنه-: «وافقت ربي -عز وجل- في ثلاث: قلت: يا رسول االله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فا نزل االله تعالى: ثن μ ¹ ثم (البقرة: ١٢٥) وقلت: يا رسول االله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو حجبتهن فا نزل االله آية الحجاب وقلت لا زواج النبي ﷺ لما تمالا ن عليه في الغيرة x) { z y } ~ ے ( (التحريم:.(٥ ونزلت آية الحجاب في صبيحة عرس رسول االله ﷺ بزينب بنت جحش التي تولى االله -تعالى- تزويجها بنفسه وكان ذلك في ذي القعدة من السنة الخامسة. روى البخاري بسنده عن أنس بن مالك -رضي االله عنه- قال: لما تزوج رسول االله ﷺ زينب بنت جحش دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون فا ذا هو يتهيا للقيام فلم يقوموا فلما رأى ذلك قام فلما قام قام من قام وقعد ثلاثة نفر فجاء النبي ﷺ ليدخل فا ذا القوم جلوس ثم إنهم قاموا فانطلقوا فجي ت فا خبرت النبي ﷺ أنهم قد انطلقوا فجاء حتى دخل فذهبت أدخل فا لقى الحجاب بيني وبينه فا نزل االله تعالى: ثنe l k j i h g f v u t s r q p o n m } { z y x w ~ ے ± «ª º ¹ μ ³ ²» ¼ ثم (الا حزاب: (٥٣ magazine.azhar.eg ٧٣
وكما شرع االله -تعالى- الحجاب حفاظ ا على الا عراض وصيانة من الشبهات فا ن االله -تعالى- أمر رسوله -عليه الصلاة والسلام- أن يا مر نساءه ونساء المو منين بالستر الكامل با ن يدنين عليهن من جلابيبهن ليتميزن عن نساء الجاهلية قال تعالى: ثنm r q p o n { z y x w v u t s } ~ ے ثم (الا حزاب: ٥٩) وإذا كان ذلك التوجيه الا لهي قد نزل في عهد الرسول -صلوات االله وسلامه عليه- وقرن ه خير القرون فما بالنا بحاجتنا إليه اليوم حيث تحاول المدنية الحديثة أن تزحف على بعض المجتمعات وما بالنا ونحن في أم س الحاجة إلى الالتزام به والاستمرار عليه والدعوة إلى عدم التفريط فيه في وقت من الا وقات أو حال من الا حوال حيث يوجد الرجال الا جانب وتوجد النساء. إن في تعاليم الا سلام نهوض ا بالا سرة المسلمة إلى مراقي السعادة والسكينة وإلى حياة الا من والطما نينة.. واالله يوفقنا إلى ما يحبه ويرضاه. مشكلة المغالاة في المهور وكيف حلها الا سلام تتكون الا مة من مجتمعات متعددة وتتكون المجتمعات من أسر كثيرة وأساس الا سرة الزوجان وأساس ارتباط الزوجين هو الزواج. ومن هنا ندرك أهمية الزواج كا ساس أصيل من أسس الحفاظ على النوع الا نساني وبناء الا سس وقيام المجتمعات ونشا ة الا مة ومن أجل هذا ع ني الا سلام عناية فاي قة بشا ن الا سرة وح ث على تكوينها عن طريق الزواج فقد خلق االله -تعالى- لنا من أنفسنا أزواج ا وجعل الهدف من وراء ذلك السكن حيث يسكن الرجل إلى امرأته ويتبادلان المودة والرحمة اللتين تنعشان حياتهما الزوجية وتسعدان الا سرة بعد ذلك قال سبحانه: ثنY [ Z \ ] ^ _ ` h g f e d c b a m l k j i ثم (الروم: (٢١ وحض الا سلام على الزواج أيض ا ابتغاء الولد ليسعد المجتمع بالبنين والحفدة وليكون طريق العفة والا مان والا دب والسعادة يقول الرسول -صلوات االله وسلامه عليه-: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فا نه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فا نه له وجاء»(متفق عليه). ولهذا كان الامتناع عن الزواج خروج ا عن الفطرة والسنة والدين وفي الحديث: «فمن رغب عن سنتي فليس مني» (متفق عليه) وفيما رواه البيهقي: يقول رسول االله ﷺ «من كان موسر ا لا ن يتزوج ثم لم يتزوج فيلس مني» وحتى لو كان الامتناع عن الزواج للعبادة والتخلي عن متع الحياة بما في ذلك الزواج فا ن الا سلام يكره ذلك ولا يبيحه ولا يستحسنه وقد أعلن رسول االله ﷺ رفضه لهو لاء النفر الذين اعتزموا على التخلي عن متع الحياة وراحتها وعن الزواج حين أراد بعضهم ألا يتزوج وأراد الا خر أن يصوم ولا يفطر وأراد الثالث أن يقوم الليل ولا يرقد فقال لهم -صلوات االله وسلامه عليه- : «أنتم الذين تقولون كذا وكذا أما واالله إني لا خشاكم الله وأتقاكم له ولكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي ٧٤
ا سرة في ا سلام فليس مني»(متفق عليه). بيد أن قضية عدول بعض الشباب عن الزواج أو تا خيرهم فيه ما زالت قاي مة وبصورة واضحة رغم ما في تعاليم الا سلام ومبادي ه التي قررها من الحث والدعوة إلى الزواج والتحذير من العزوف عنه وما يتبعه من أضرار. ولكن وراء المشكلة أسباب اقتصادية كثيرة أهمها: عدم توفر المال الكافي في يد الشاب الذي يقدم على الزواج ومطالبة أهل من يخطبها لمهر كبير يغالون فيه إلى جانب العديد من التقاليد التي تو لد بعضها من التفاخر والتكاثر ووفد بعضها مع المدنية الحديثة كل ذلك دفع بمشكلة الزواج في نفوس البعض إلى ما يشبه التعقد فقد أصبحت عند بعض الشباب نظرة نفسية قاتمة ربما يتهيب معها أن يفتح بيت ا وأن ينشي أسرة وأن يكون أب ا وأن يحتمل الا عباء فيرى أنه أضعف وأقل يد ا من أن يقوم بكل هذا. ومع تطور المشكلة بتطور المدنية والتكاثر في الجهاز وفي أثاث المنزل وكثرة المهور والمغالاة فيها مع كل هذا فقد وضع الا سلام ما فيه علاج لتلك النظرة القاتمة وعلاج للناحية النفسية فقد وعد االله -سبحانه وتعالى- راغبي الزواج با ن يغنيهم االله من فضله ووعده الحق لا يتخلف يقول االله سبحانه: عنه- يقول: «عجبي ممن لا يطلب الغنى في الزواج وقد قال االله تعالى:.«(/. -, + * )) وأما نظرة الا سلام إلى الزواج فهي نظرة دقيقة حكيمة تقوم على أساس أنه رابطة وثيقة وميثاق غليظ لا ينهض إلا على أساس من الدين والخلق لا على كثرة المال والجاه والمنصب والتكاثر والتفاخر ففي الحديث: «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الا رض وفساد كبير»(الترمذي). وفي يسر الا سلام وسهولة تعاليمه ما يحل مشكلة التوقف عن الزواج إذ إنه لم يشترط على غير القادر إلا ما يستطيع أن يو ديه حتى ولو كان أبسط شيء أو أقل ما يتمول ففي الحديث «التمس ولو خاتم ا من حديد» (صحيح البخاري) بل إنه إذا لم يكن معه أقل ما يتمول فحسبه ما يحفظه من كتاب االله فعندما رجع الرجل إلى رسول االله ﷺ وقال له: التمست فلم أجد ولو خاتم ا من حديد فقال له النبي ﷺ: «هل معك شيء من القرآن» قال: نعم قل هو االله أحد والمعوذتان فقال ﷺ: «زوجتكما بما معك من القرآن» (متفق عليه). ويروي أبو نعيم في «الحلية» يقول: خطب أبو طلحة أم سليم قبل أن يسلم فقالت: أما إني فيك لراغبة وما مثلك يرد ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة لا يحل لي أن أتزوجك فقال: ما دهاك يا رميصاء فقالت: وماذا دهاني قال: أين أنت من الصفراء والبيضاء -يريد الذهب والفضة- قالت: لا أريد صفراء ولا بيضاء فا نت امرؤ تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيي ا أما تستحي أن تعبد خشبة من الا رض يجرها لك حبشي ثن! " # $ % & 1 0 /. -, + * ) ( ' 3 2 ثم (النور: (٣٢ وكان أبو بكر -رضي االله عنه- يقول: «أنجزوا ما أمركم به االله من الزواج ينجز لكم ما وعدكم من الغنى» وكان عمر بن الخطاب -رضي االله magazine.azhar.eg ٧٥
بن فلان إن أنت أسلمت فذلك مهري ولا أريد من الصداق غيره قال: ومن لي بالا سلام يا رميصاء قالت: لك بذلك رسول االله ﷺ فاذهب إليه. فانطلق أبو طلحة يريد النبي ﷺ وكان جالس ا في أصحابه فلما رآه قال: «جاءكم أبو طلحة غرة الا سلام بين عينيه» وأسلم أبو طلحة أمام رسول االله -صلوات االله وسلامه عليه- وأخبره بخبر الرميصاء فزوجه إياها على ما شرطت. (مسند أبي داود الطيالسي). وهذا مثل راي ع للمرأة المسلمة التي لا تنشد في زوجها ذهب ا ولا فضة ولا مالا ولا عرض ا من أعراض الحياة الدنيا إنما تنشد فيه الدين أولا وأخير ا. ومن كل ما سبق تتضح لنا حقيقة الزواج في الا سلام أنه لا تكلف فيه ولا عسر ولا مشقة بل إن تعاليم الا سلام تقضي -تمام ا- على مشكلة المغالاة في المهور ومشكلة التفاخر والتكاثر في إجراءات الزواج وأثاثه لتفتح الباب أمام راغبي الزواج وطلاب العفة ليكونوا أسر ا طاهرة كريمة أساسها الا سلام. وحتى لا يتفاخر البعض بكثرة الصداق وحتى لا يتكاثر الناس فيه ويغالوا في مقداره نجد أن الرسول -صلوات االله وسلامه عليه- يبين أن خيره أيسره فيقول: «خير الصداق أيسره» (رواه داود والحاكم وصححه). أبو وكذلك حتى لا يتفاخر الناس في إجراءات الزواج والاحتفال به والمغالاة في الا ثاث والتكاليف التي تثقل كاهل الرجل ب ين أيض ا أن أعظمه أيسره مي ونة فقال ﷺ: «إن أعظم الزواج بركة أيسره مي ونة»(مسند أحمد) وعندما سا ل ﷺ رجلا تزوج وقال له: «على كم تزوجتها» قال: على أربع أواق فقال ﷺ: «على أربع أواق كا نما تنحتون الفضة من عرق هذا الجبل»(صحيح مسلم). وكان عمر -رضي االله عنه- ينهى عن المغالاة في المهور ويقول: «ما تزوج رسول االله ﷺ ولا زوج بناته با كثر من أربع مي ة درهم» وقد زوج سعيد بن المسيب ابنته على درهمين. هذا وإنالمغالاةفيالمهورمعوله داميقضي على رغبات الكثيرين من أهل العفة الراغبين في الزواج وفي الوقت نفسه دعوى باطلة تساعد على ضياع قسط كبير من أعمار الشباب دون تحقيق سنة الا سلام بل قد تكون سبب ا من أسباب انتشار الرذيلة والفوضى الا خلاقية التي تهدد المجتمع بالتصدع والانهيار ولا مبرر لها إلا تفاخر بعض الا سر. وليس معنى هذا أن الا سلام يدعو إلى أن يكون حق المرأة في الصداق قليلا بل إنه يكره تلك المغالاة التي حادت عن الجادة وأصبحت عقبة أمام الزواج. أما إذا توفر المال وكان الزوج ذا يسر وغن ى فا ن الا سلام يجيز كثرة المهر أخرج عبدالرزاق من طريق عبدالرحمن السلمي «قال عمر: «لا تغالوا في مهور النساء» فقالت امرأة: ليس هذا لك يا عمر إن االله -تعالى- يقول: ثن' ( ) ثم (النساء: ٢٠) قال وكذلك هي قراءة ابن مسعود فقال عمر: امرأة خاصمت عمر فخصمته». وبعد: فا نا لنرجو االله -تعالى- أن يوفق الا سر الا سلامية إلى الا خذ بمبادئ الا سلام التي لا علاج لمشكلة الزواج إلا بها واالله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. ٧٦